منتديات شمس الكون
رواية السجين الهارب الفصل الثاني عشر 804479565
منتديات شمس الكون
رواية السجين الهارب الفصل الثاني عشر 804479565
منتديات شمس الكون
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات شمس الكون

عربي ثقافي منوع غني بكل جديد ومفيد في الانترنت العربية ، انضم الآن و احصل على فرصة التمتع بأقسام تجمع بين الفائدة والمتعة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
قريبا
قريبا : ديوان الشاعر سعد بن عبدالله العلك
صندوق الجماعة : جلسات الإعداد للحوار وليست هي نفسها الحوار .. ومع ذلك لا يعجبني الاعداد لها حيث اتضح أن الكثير حول الحوار أشعل جدلا ساخنا حول «النقطة الثالثة» فى جدول الأعمال، والمتعلقة «بقواعد التعامل وشروط المصالحة».
ديوان الشاعر:حنش بن عايض المالكي ( رحمه الله )
من لم يصل إلى حيث دفعه قلبه وسمح له عقله فهو أحمق

 

 رواية السجين الهارب الفصل الثاني عشر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
????
زائر
Anonymous



رواية السجين الهارب الفصل الثاني عشر Empty
مُساهمةموضوع: رواية السجين الهارب الفصل الثاني عشر   رواية السجين الهارب الفصل الثاني عشر Emptyالجمعة يوليو 22, 2011 6:27 pm

الفصل الثاني عشر
كانت الأيام التي تبعت تلك الليلة المحمومة التي أعتبرها غياث نقطة البداية في فجر حياته الجديدة00 حافلة بالأحداث فبعد خمسة أيام قضاها غياث بن عبد المغيث في كثير من الصمت والتفكير الهادئ في مستقبل حياته الجديده،توصل إلى أنه لاحق له فيما ينعم به من المال وأن هذه الأملاك الواسعة والعبيد والزروع وحتى جاريته الأثيرة على قلبه عطر،كلها ملك ورثة ذاهب المقدسي0 وأن عليه أن يسلم لهم كل شيء00بما في ذلك النصف المتبقي من الذهب في الخرج0
لقد أمضى الأيام الأخيرة متأملاً في نفسه، وفي الشيء الذي يتدفق على قلبه فيكسبه الطمأنينه التي لم يعهدها في أيام فقره أو أيام ثروته!
لقد أعزم أن يصارح معبد بن ذاهب في كل شيء،ثم يمضي وحيداً خالياً00كما جاء وحيداً00وكره بغداد وجوارها وآثر أن يذهب للقاء والديه،وينطرح تحت أقدامهما ويسألهما الصفح،ثم يذهب إلى الثغور للجهاد في سبيل الله، فلم يعد شيء يهُّمه غير لقاء الله والرحيل عن الدنيا التي أكتشف مؤخراً أنها نواة الشقاء في حياته الماضية00وأعتزم أن يصلح مابينه وبين ربه00وأستولى عليه هم الأخره00 وبذل دموعه بسخاء أسفاً على أيامه الخالية0
وما كاد يصل إلى هذا الحد من التخطيط لمستقبله حتى أحدقت به الأخطار من جديد!!
فقد مضى في أحدى الصباحات الباكرة إلى البئر اليابسة التي قذف فيها بثيابه القديمة، وتدلى بحبل ونزل إلى القاع اليابس وبحث في التراب حتى وجد صرة ثيابه فأستخرجها وغسلها على شاطيء النهر00كأنه شاعرٌ أنه يغسل ماضيه0وجلس ينتظرها لتجف،ثم جمعها وأراد الذهاب،لولا أن أستوقفه وجه مألوف لديه فهتف في دهشة:
-مروان؟!!
وآسفه أن خنجره ليست معه00وقذف الصرة من يده وباعد بين رجليه أستعداداً للعراك00 لكن مروان خاطبه بصوت يفيض بالحزن لا بالشر:
-نعم مروان00صاحبك في تلك الحجرة!
-إذاً فقد نجوت!؟
-نعم00 لقد وصلت إلى بغداد وعالج الطبيب جرحي00 وقد صدقت ياغياث فالجرح قد أخترق البطن ولم يمس الأحشاء00 هل تذكر عندما قلت لي ذلك؟!
وتأمله غياث فوجده كما تفارقا تلك الليلة إلا أنه أصبح مشموط اللحية بالبياض0 وقال مروان:
-لقد قضينا معاً ساعات عصيبة00وكتبت لنا النجاة من بين الأخرين أليس كذلك؟
فرد غياث وقد زاولته الريبة لكنه لم يكن راغباً في مواصلة اللقاء:
-لقد مضت تلك الأيام بخيرها وشرها0
-لولا جهودك ياغياث لما كنت أنا من الأحياء!
-لست في حاجة إلى أطرائك يامروان00بقدر ما أود معرفة سبب مجيئك؟!
-جئت للقائك00 وهذا كل مافي الأمر!
لم يكن بيني وبينك علائق ومودة00وقد مضيت أنا إلى سبيلي ومضيت أنت إلى سبيلك0
-قد لاتصدقني 00ولكن لا تسيء بي الظن فتقف وقفتك هذه00 وتحسب أني جئت لقتالك من أجل ذلك الذهب المأفون!!
وسكت قليلاً ثم قال بنبرة صادقة امتصت كثيراً من توتر غياث وتجهَّمه0
-ياغياث 00أنت فتى شجاع وقوي، والذي سيقاتلك سيكون الخاسر في النهاية!
قلت أني لست في حاجة إلى إطرائك00؟
-لست في حاجة إلى إطرائي00ولكنك في حاجة إلى نصيحتي!
-وبماذا تريد أن تنصحني؟!
-أريد أن أحذرك من حنظلة00 هذا ما جئت من أجله0
-حنظلة!!وأين هو حنظلة؟
-حنظلة في بغداد00ولم يتبقَ من أعدائك أحدٌ سواه0
-وأنت؟!
-أنا لست من أعدائك ياغياث00أنا أحس بالولاء لك منذ كنا في بيت الطين، ولولا حنظلة مارأيت صفحة وجهي!
-وكيف عرفني حنظلة وهو لم يرني ولم يعرف أسمي؟
أحنى مروان رأسه إلى الأرض وقال متلعثماً:
-لقد أضطررت إلى أخباره بأسمك ومكان بستانك00
تخبره عني وعن مكاني،ثم تدعي أنك صاحبي وأنك تودني؟!!
-أقسم لك بالله أني ماكنت لأفعل لولا أن هاجمني ليلاً في بيتي بالبصرة00ووضع خنجره على عنق أحد أولادي وهددني بذبحه مثل الشاه إذا لم أخبره عن مكان الذهب والأموال00ولم أصدق أنه ينوي قتل الصبي حتى رأيته يجرح عنقه بحد السكين جرحاً صغيراً ليؤكد لي أنه عازم على تنفيذ تهديده!
-ومتى كان ذلك؟
-قبل شهر0
-وكيف عرفت أنت مكاني وأسمي؟
-أسمك عرفته عندما سمعتك تنطق به وأنت تقتتل مع سعيد00 ومكانك عرفته عندما رأيتك في بغداد موافقةً بعد أسابيع من ليلتنا تلك،وتتبعتك إلى البستان وسألت أحد مواليك فأخبرني بأسمك كاملاً،ولكنني كنت قد عزمت على أن أدعك وشأنك إكراماً لك على مابذلت في سبيلي0
-ولكني لم أصنع شيئاً يستحق كل هذه التضحية منك؟!
-لا يهمني أن تشعر بمعروفك أو لا تشعر00 يكفيني أنني أعتقد هذا00ربما أكون لصاً وأحمقاً غبياً ياغياث ولكني لست وقحاً ولا جاحداً!
وفي خليط من المصانعة والتصديق قال غياث:
-أنت رجل طيب يامروان00سأعمل بنصيحتك00لكن قل لي لماذا لم يبحث عني حنظلة طوال تلك الأيام؟
-لأنه لايعرفك00ولأنه منذ ذلك الحين إلى ان هاجمني في البصرة وهو في السجن0
-لماذا سجن؟
-لقد لحقني عندما هربت بالفرس إلى بغداد،وشاء الله ألا يدركني إلا في بغداد، وحاول قتلي فصرخت وأجتمع الناس عليه ليجدوني مشقوق البطن وهو ممسك بسيفه00فعلموا أنه يريد قتلي00 وزعمت أنه هو الذي طعنني فحملنا الناس إلى الوالي00وشهدوا عليه بما رأوا وحكم عليه أن يحبس عاماً كاملاً،وكرهه الخليفة وقد كان من مجاليسه فزاد في مدته بضعة أشهر0
-ولماذا لم يقتلك في البصرة وقد ظفر بك؟
-لو قتلني لعلم الناس بذلك،ولأخذوه لأنهم يعلمون مابيني وبينه من العداوة 00 ويعلمون أنه قد حاول قتلي في بغداد0
وفي مخادعة قال غياث:
-وأين كان أخوك سعيد؟
-سعيد هو سبب شقائي00لقد بكيت عليه كثيراً وبكيت منه00إنه اليوم شرير ومسكين بائس!!وقد أفتقدته منذ ذلك اليوم الذي هربت فيه بالفرس00وظننت أنه قتل في الحجرة00فذهبت بعدما شفيت لآبحث عنه حياً أو رميماً00فما وجدت هناك سوى بقايا الحريق،وبحثت في الأنقاض فلم أجد شيئاً00فرجعت وسألت عنه في بغداد فلم يعرفه أحد،إلا شخص قال أنه رآه في السوق مرً ولم يره بعد ذلك!!
ومسح عبر فرت من عينه ثم قال:
-وذهبت إلى البصرة أتلمس أخباره،فما ظفرت بأكثر مما ظفرت به في بغداد00 ويئست وأنكفأت على نفسي حتى جاءني من أخبرني أنهم وجدوه على شاطيء دجلة ميتاً متعفناً بالقرب من بيت الطين00وقد أخرجوا من جوفه ماءً كثيراً00فعلمت أنه مات غريقاً فهو لا يعرف السباحة00 وقد نجا من الغرق مراراً لكن تلك كانت الأخيرة0
-ولماذا دخل النهر وهو لا يعرف كيف يسبح؟
-ربما ذهب لإستخراج الذهب الذي قذفت به في قاع النهر!
ثم مسح دموعه ثانية، وأسهب في الكلام عن سير شقيقه وقد وجد في ذلك عزاء له:
-لقد مات أبي وأنا في العشرين من عمري،أما هو فكان في سن الخامسة00 ولم يكن له عائل إلا أنا00وطفقت أعمل لأعيشه وأعيش أهلي ووالدتي ثم أولادي فيما بعد00 وعندما كبر حاولت مراراً أن أشركه معي في أعمالي00لكنه بدأ يصاحب اللصوص والمنحرفين،وحاولت ثنيه عما فيه00وبدلاً من أن أرده إلى جاد الصواب استجرني هو،وبدأت أشاركه طريقته وسرقاته!
ابتسم غياث بعد تجهمه الطويل وقال:
-لكنك لاتبدو فاتكاً ماهراً مثله!؟
-أنا رجل أحمق وساذج00 والسطو والإحتيال ليس من طبيعتي لكنها الهواية00 وقد أردت إثبات جدارتي أمام اللصوص، فأستوليت على الجمل الذي به الأموال لأستأثر به لنفسي ولأخي، فجنيت عليه وعلى نفسي وصارت الأموال من نصيبك0
-أنت حاولتو..
-لاتقل أنك ستعطيني بعض الأموال00فلم تعد لي حاجة في كثير أو قليل من ذلك00وقد تركت هذه الأعمال التي لانتاج لها سوى الدماء والمصائب0 وأنا لم أجيء طامعاً في غنائمك ياغياث إنما جئت أحذرك من حنظلة فإنه سيظهر لك قريباً0
-سأعمل بنصيحتك يامروان 0
وأحنى مروان رأسه إلى الأرض في كدر، ثم مد يده إلى غياث قائلاً:
-سأذهب فلم تعد لك حاجة بي0
ومد غياث يده وودعه وتابعه حتى غاب عن نظره، ثم حمل صرة ثيابه ورجع0
مشى إلى البستان آل مقدسي متكاسل الخطى، يحرث الأرض بنظراته وأتجه إلى القصر00وعند الباب صادفه سريع وأخبره أن رجلاً سأل عنه في غيبته فقال غياث متبرماً:
-إذا جاءك ثانية فبعه مايشاء من الثمار فلا حاجة لأن أقابله0
-إنه شخص غريب لم يأتِ لشراء شيء!
فسأل غياث وقد قرن مابين حاجبيه:
-هل قال إن أسمه حنظلة؟
-لم يذكر أسمه يامولاي0
-إذا جاء ثانية00هو أو سواه00فأدعني بدون أن يعلم0
فقال سريع بصوت خافت:
-هل هو عدو؟!
-إنه من جماعة السجين الذي هرب0
وبدون أسئلة أخرى هزَّ الشيخ رأسه مؤذناً بالطاعة ثم أنصرف0
وجمع غياث بعض حاجياته ثم تذكر أنه لم يكن يملك منذ طردة والده سوى ثيابه فرد الحاجيات إلى مكانها00 وتمكنت منه النزاهة والورع فخلع ثوبه الفاخر ولبس أحد ثيابه القديمة!
وأرسل احد مواليه للبحث عن معبد بن ذاهب المقدسي ثم جلس يفكر فيما هو مقدم عليه00 وسمع حفيف ثوب بالقرب منه فألتفت ليرى عطر مبهوجةً بلقائه00
وقد آسفه منظرها وأحس بالرثاء لها لعلمه بمكانه من قلبها00 وقالت له معاتبة:
-لقد تغيرت يامولاي؟!
فقال بهدوء:
-وماذا تريدين؟
-لقد أصبحت محزوناً تذهب وحدك ولا تخبر احداً بوجهتك،وتغيب طويلاً ثم تعود مريضاً 00 أو تغلق على نفسك باب حجرتك!!ولم تكن هكذا من قبل!!
فقال تمهيداً لإنزال الخبر الثقيل عليها:
-وهل يسوؤك هذا ياعطر؟
-نعم00أنت لاتدري كم يسؤني ذلك!
فقال بنبر جادة:
-وما يدريك لعلي بذلك أهيئك لفراق سيحل بيننا!؟
فقالت باسمة وقد حسبته يمازحها:
-لن نفترق حتى لو ذهب أحدنا إلى أقصى الدنيا!
فقال بتجخم وقد تذكر الثغور وطلب الشهادة:
-وإذا رحلت أنا إلى مكان لا يوجد في الدنيا؟
-سألحق بك0
فقال بما يشابه الإبتسامة:
-هل ستقتلين نفسك؟
-وهل ستقتل أنت نفسك؟
-لا00لا يصح أن يقتل الإنسان نفسه،ولكن يبذل روحه في سبيل الله0
-هل تعني الجهاد؟
-نعم0
وقارنت بين هذه الغاية السامية وبين سيرة غياث بن عبد المغيث العابثة ولهوه السابق فقالت على الفور:
-ولكنك لست بصاحب هذه الأمور؟!
-لقد أصبحت من أصحابها إن شاء الله0
-هل تعني ماتقول؟
-نعم00 أنا جاد فيما أقول وسأرحل قريباً0
-هل تذهب لتموت؟!
-بل لأبحث عن الشهادة0
وسكتت قليلاً وقد تيقنت أنه جاد فيما اعتزم00 وإن ما مربه من أحداث غريبة في الأيام الماضية كان إرهاصاً لتوبته وقالت مشفقةً:
-لماذا لا تؤجل سفرك إلى حين؟
-ولماذا التأخر؟!سأمضي وأحارب لعلي أعمل عملاً يرضي الله فيرضى عني0
وتسرب الجزع إلى قلبها فسألت:
-وإلى من ستتركني؟
-أنت هنا عند أبيك00 وعند00
وسكت مطرقاً إلى الأرض فسألت في هم:
-وعند من أيضاً؟
-عند سيدك الجديد0
-هل بعتني إلى أحد يامولاي؟
-لم أبعك إلى أحد ولم أعد مولاكِ؟
-إذاً ماذا في الأمر؟!
-أنا ياعطر00 كنت لصاً00وقداشتريتك بمالٍ مسروق00 وكل مافي الأمر أني تبت إلى ربي وسأرجع المال المسروق إلى أصحابه0
-ومن هو صاحبه؟
-معبد بن ذاهب00وأسرته0
-معبد المقدسي!هذا الأجير الذي يعمل عندك؟!
-لم يعد أجيراً عندي00وكل ماترين من الزروع والبساتين والأموال ملك له ولأسرته00وأنت من ذلك00وقد كان في قصة طويلة ستعرفينها فيما بعد0
وأخرست المفاجأة لسانها0فقال يواسيها:
-وابشري فمعبد فتى شجاع 00وعاقل0
وأضاف مبتسماً:
-وجميل!
وأجهض أزيز بكائها إبتسامته وعاتبته من بين دوعها:
-ألا يعز عليك أن تتركني هكذا؟!!
-بلى يعز علي00 ولكني آليت على نفسي الا اضع في يدي إلا مالاً حلالاً من كسب يدي0
لماذا لاتشتريني منه؟
-أنا لم أعد أملك غير ثيابي التي على ظهري00والتي في هذه الصرَّة!
فألتفتت إليه وقالت بإنفعال:
-إسمع00سأسأل معبداً أن يهبني لك؟
-لا أحب ذلك ولا أميل إليه0
-إذاً سأشتري نفسي منه بدراهم منجمةً كل شهر أهبه ما أتحصل عليه00
وسأذهب إلى بغداد عند زوجة سيدي الأول وسأعمل هناك00 فأنا أتقن الحياكة والدبغ والغزل00 وإذا أصبحت حرةً نتزوج وأذهب معك إلى حيث تريد0
-غير مجدٍ كل هذا 00 فأنا لن أستقر في مكان ولن آوي إلى بيت مريح00 سأعيش حيناً في خيمةٌ وحيناً على الأرض أو في كهف00كما عشت في مامضى من حياتي شقياً00سكيراً 00عربيداً00وعققت والدي00وقد رأيت بنفسك أطرافاً من حياتي الشائنة00وشهدت أيضاً توبتي وقد أبصرت في الإيمان لذتي وهناءتي التي أبحث عنها00فأصبحت الدنيا مثل السجن لي00وأنا ألتزم الهروب من هذا السجن0
-لكن كل هذا لايستدعي أن نفترق!!فبإمكانك أن تعيش في بغداد صالحاً وتقضي أيامك هناك تائباً!؟
-بإمكاني ذلك00 لكني كرهت بغداد وكرهت الدنيا00أنا أحس بصوت يناديني00يدعوني إلى الدار الآخرة وأنا أريد أن أغتسل من ذنوبي بالجهاد حتى أموت وأنا مرتاح البال0
وتساقطت دموعها وقد أعيتها الحيل وامتنعت عليها الكلمات فصرخت في وجهه:
-بل أنت لاتريدني!
وسكت محزوناً وقامت من عنده على عجل00 وأطرق إلى الأرض00فيما دخلت إلى أحدى الغرف ناشجة ببكاء مر0
وقف غياث على باب القصر وفي يده خرج الذهب وفي الأخرى صرة ثيابه00وتأمل البيت الكبير قليلاً00 ثم جعل يجول بين عرائش العنب00ومضى إلى أرض القمح والفواكه يتأملها كأنه يراها ولأول مرة!ثم جال بينات النخيل00 وكان العبيد يعملون في الحقول00وقد ضاعفوا جهدهم عندما رأوه00وسريع يتسكع ببطء ويشرف على كل شيء00 وأحد الخدم يجمع مخلفات الشجر وأغصان الصدر الصغيرة ويلقيها في محجر الأحراق المربع تمهيداً لحرقها0وانتهى بغياث المطاف في دار معبد في طرف البستان00ووجد الصبيان يلعبون قبالة البيت00 وعندما رأوه كفوا عن اللعب وفر بعضهم00وخرج موسى شقيق معبد واستقل سيد البستان محتفياً وأدخله إلى الدار وسأله بخجل:
-هل أستدعي معبداً ياسيدي؟
فقال غياث بكأبة:
-نعم فأنا أبحث عنه0
وخرج الفتى من الحجرة00 وبقي غياث يفكر فيما سيقوله لورثة ذاهب المقدسي00وكيف يواجه حنظلة00 وهل يمضي لسبيله ويفسح المجال لمعبد وشقيقه وأسرته لينتقموا من قاتل أبيهم00أم يبقى ويساعدهم!؟وهل سيتركونه بدورهم يمضي لسبيله أم سيعمدون إلى أعتقاله والإنتقام منه لأنه ساهم في إشقائهم؟!
ودخل معبد مرحباً بضيفه الكبير ولم يستطع إخفاء دهشته وهو يقلب بصره في غياث مستغرباً هذه الأكياس التي يحملها وهذه الثياب البالية التي حلت بديلاً عن تلك الجبة الفاخر والثياب الثمينة!! وهذه الطاقية الخلقة التي صارت مكان تلك العمامة الخضراء المطعمة بخرزة كبيرة فوق الجبين!!وفطن غياث لدهشته فأبتسم وقال:
-ربما أستغربت زيارتي يامعبد!؟
فقال الشاب مدارياً خجله:
-لم انتظر أن تكرمني بهذه الزيارة00ولو أرسلت إليَّ لأخذت أُهبتي00 فالبيت دائماً مبعثر وهؤلاء الصبيان لا يتركون شيئاً في مكانه0
-فقال غياث:
-هذا العبث للأطفال لابد منه00 إنه صباهم0
ودخل موسى بشيء من الفاكهة فلما وضعها هم بالإنصراف لكن غياث استبقاه قائلاً:
-إجلس ياموسى00حديثي لكم جميعاً0
وجلس موسى وساد الصمت قليلاً00وأحتار غياث كيف يبدأ00لكن معبد أسعفه حين قال:
-لقد جاء الرجل الذي حدثتك عنه00والذي كان صاحباً لأبي00وسأل عنك فقلت له إذهب إلى القصر ظناً مني أنك هناك0
-تقصد حنظلة؟
-نعم00هل جرت بينك وبينه معرفة؟
-أنا لم أره في حياتي00 لكني أعرفه تمام المعرفة
-كيف كان ذلك؟!
-أريدك ان تريني أياه دون أن يراني0
-حسناً سأفعل ياسيدي00 لكني سأعيد لك كلامي فيه00فأنا أحذرك من مصاحبته00ولولا أنه جاء يطلبك اليوم لطردته من البستان شر طردة!
-بل أنا من يحذرك منه00 إن الذي قتل والدك هو حنظلة00وهذا الخرج بما فيه من الذهب الخالص،وهذه الزروع والبساتين والعبيد والأموال كلها لك ولأسرتك0
والتفت الشابان إلى بعضهما وقد شلت الدهشة تفكيرهما00 وعقدت المفاجأة السنتهما عن الكلام00واعترت غياث رعشةً باردةً فأستند إلى الجدار متعباً ومضى في سرد قصته الثقيلة كاملة غير منقوصة0
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
شمس الكون

شمس الكون


رواية السجين الهارب الفصل الثاني عشر Jb12915568671
عدد المساهمات : 802
الموقع : درب التبانه

رواية السجين الهارب الفصل الثاني عشر Empty
مُساهمةموضوع: رد: رواية السجين الهارب الفصل الثاني عشر   رواية السجين الهارب الفصل الثاني عشر Emptyالأحد يوليو 24, 2011 4:19 pm






رواية السجين الهارب الفصل الثاني عشر Galelee488f36167













الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
رواية السجين الهارب الفصل الثاني عشر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» رواية السجين الهارب الفصل الثاني
» رواية السجين الهارب الفصل الخامس
» رواية السجين الهارب الفصل الرابع
» رواية السجين الهارب الفصل السادس
» رواية السجين الهارب الفصل السابع

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات شمس الكون :: الْمَوْسُوْعَة الْأَدَبِيْة وَالْشِّعْرِيَّة :: روايات عربية وقصص-
انتقل الى: